الأمر لا يتوقف على
ما تعرف، بل على من تعرف.. عبارة من المؤكد أنك سمعتها مراراً، فدرجة
إجادتك ومواهبك ومهاراتك وخبراتك المتراكمة، لن تساعدك فى الحصول على وظيفة
لائقة مريحة ذات دخل عال من غير معارف، حيث تمثل العلاقات كل شيء.
فأهميتها في حياتنا المهنية تتساوى مع أهميتها في حياتنا الشخصية.
فإذا كنت ممن يعتقدون أن التقدُم لشغل
وظيفة شاغرة مُعلن عنها فى ركن الإعلانات المُبوبة بالصُحف والجرائد
المُختلفة، أو التوجه لشركات التوظيف، أو زيارة معارض التوظيف هو الطريق
الوحيد للحصول على فُرصة عمل لائقة، فيؤسفنى أن أخبرك أنك كغيرك من
الباحثين عن الفُرص الوظيفية ترتكب خطأ فادح فى حق مستقبلك المهني
والوظيفي.
ذلك لأن أكثر الوظائف اللائقة والمريحة
ذات البُعد الاستراتيجي والدخل المرتفع، لا يتم الإعلان عنها، ولكن يعتمد
مديري الموارد البشرية وأصحاب الأعمال على العلاقات المباشرة لشغل هذه
الوظائف، حيث يتم اختيار من يشغلها ممن هم فى دائرة علاقات متخذي القرار،
أو فى دائرة علاقات من يعرفون متخذي القرار.
فقرار إسناد وظيفة الى شخص مُؤهل علمياً
وعملياً، لا يتم عن طريق ركام السير الذاتية التى ترسل بالبريد العادي أو
الإلكتروني، أو عن طريق مواقع التوظيف المُنتشرة على الإنترنت، أو شركات
التوظيف، انما الطريق السريع و المؤكد للحصول على أفضل الوظائف هو عبر بناء
شبكة علاقات مهنية.
تتكون من أشخاص لديهم القدرة على دعمك
أثناء رسم مسارك المهني المستقبلي، ووضع خطتك المهنية، أو بحثك عن فُرصة
عمل، فإذا كنت تبحث عن عمل حديثاً، فلعلك تدرك مدى أهمية بناء شبكة علاقات
مهنية من شأنها أن تساعدك في تكوين اتصالات.
حيث تُعد مهارات التواصل، واستخدام شبكة العلاقات المهنية المُتخصصة من أهم وسائل المساعدة فى الحصول على المعلومات اللازمة لوضع خطة مهنية جيدة تصل بها لطريق النجاح، وأيضاً الحصول على فُرص وظيفية..
فعملية بناء شبكة العلاقات المهنية
المُتخصصة Professional network building مع أفراد لديهم القدرة على
مساعدتك فى وضع خطة مهنية، ذات أهمية كبرى لما لها من منفعة على المدى
الطويل في حياة الشخص المهنية، فبناء شبكة العلاقات المهنية ليس نشاطاً
اختيارياً، إنه جزء حيوي ومكمِّل لنجاحك، وله تأثير مضاعف على تقدم عملك.
فبما أنها قائمة على علاقات مهنية داعِمة
ومشجّعة تدفعك الى الأمام، فمن خلالها تستطيع جمع وتبادل المعلومات، وأيضاً
تعطيك فُرصة لمعرفة معلومات عن الوظائف التي لا يتم الإعلان عنها بالطرق
التقليدية، ومن ثم قد تصل بك للوظيفة التى تتمناها، لكن بالمجمل لا يجب أن
توسّع كثيراً من شبكتك الخاصة؛ لأنه سيصعب عليك إدارتها.
يمكن لشبكات العلاقات المهنية أن تضم
أشخاصاً من قطاعات مختلفة في حياتك، وليس فقط من حياتك المهنية ضمن نطاق
عملك أو مهنتك، فإحدى هذه القطاعات هي حياتك الشخصية والعائلية، وهو ما
يشمل العائلة والجيران والأصدقاء، وزملاء المدرسة، وغيرهم من المعارف
العارضين.
فأي شخص من هؤلاء يمكنه دعم بحثك عن عمل،
فيمكن لهؤلاء تقديم العون لك بمعلومات عن توافر حول عن فرصة عمل جديدة، أو
كمصادر للمزيد من الاتصالات المهنية بآخرين، وبعبارة أخرى، إنهم قد لا
يعرفون فرصة عمل مناسبة، ولكن شخصاً آخر يعرفونه قد يكون لديه معلومات قيمة
حول فرص العمل المتاحة والمناسبة لوضعك.
لذا تتّسع شبكة علاقاتك لتشمل كل الأشخاص
المتخصصين مهنياً (وتمتد إلى معارف هؤلاء الأشخاص أيضاً، والذين تعرّفتَ
إليهم جراء محيطك المهني، لتكون فى النهاية مؤلفة من:
- معارفك الحاليون والسابقون في المهنة.
- مراجعك من مرحلة دراستك، كـ المدرّبين والأساتذة الجامعيين وزملاء الدراسة.
- أفراد عائلتك وأصدقاؤك وأقاربك ومعارفك وجيرانك، ومعارف هؤلاء أيضاً.
- زملاؤك فى النشاط التطوعي.
وعليه كوِّن شبكة علاقاتك بذكاء، وإلا فلن
تحقق النتائج المرجوة؛ إذا كنت تقول: «أتمنى لو استطعت الحصول على مزيد من
التوجيهات أثناء بناء شبكة علاقاتي»، أو: «إنني أذهب إلى كثير من
المناسبات التي تتيح تكوين علاقات، ولكنني لا أقابل الكثير من المعارف
المحتملين»، فهذا يعني أنك لا تتبع القواعد الأساسية، أو انك لا تحاول بناء
علاقات في الأماكن التي يحتمل أن يتواجد فيها الداعمين لك.
يعتمد نجاحك بشكل كبير على قدرتك في بناء
التحالفات، إلى جانب كسبك لتأييد ومساندة نظرائك ورؤسائك، بالإضافة إلى
الأشخاص الذين يكونون تحت إداراتك وعملائك ومورديك، وعليك أيضاً أن تحاول
كسب ثقة الأشخاص الذين تتعامل معهم يومياً حتى تحقق غايتك.
يتوجب عليك العمل على بناء سمعة طيبة
وصلات وثيقة داخل المؤسسة التي تعمل بها وخارجها حتى تؤخذ بالحسبان لشغل
الوظائف الجديدة و المجزية إلى جانب ترك انطباع عنك كأفضل الأشخاص لشغل
المناصب الهامة بالإضافة إلى كسب الثقة و المصداقية داخل حدود دائرتك.
أيضاُ، عليك أن توسع من محيط دائرة معارفك
بالاتصال وحضور فعاليات مجال عملك إلى جانب محاولة الانخراط في مشاريع
هامة في الأقسام الأخرى والتطوع للعمل والمشاركة بالنشاطات والأحداث
الهامة.
وهُنا عليك أن تتذكر أنّ بناء شبكة
العلاقات المهنيّة لا يقتصر على حضور الفعاليّات، والتعرّف على الأشخاص
المتواجدين، والحصول على بطاقات أعمالهم فقط، بل إنّه يتمحور حول الفعاليّة
في الاستفادة من المعارف بغية تطوير خطتك المهنية ودفعها الى الأمام.
إن التواصل هو عملية مستمرة وديناميكية،
والعلم بوجود فرص العمل يمكن أن يأتي من مصادر غير معتادة ولا متوقعة،
وكلما أصبحت شبكة علاقتك أكثر تنوعاً زادت فرصتك في معرفة فرصة العمل
الجديدة، فتطوير شبكة علاقات قوية سيساعدك على معرفة الوظائف الجديدة قبل
إعلانها على الملأ، وبناء على هذه المعرفة المبكرة سيكون لديك الوقت لتحسين
سيرتك الذاتية وتقديمها، وإجراء مقابلة عمل جيدة، وسيكون لديك فرصة للنظر
في وظائف العمل الأخرى.
وأخيراً نود التأكيد على أن استقرار
المستقبل الوظيفي يعتمد على مدى بناء العلاقات والشبكات المهنية الإيجابية
في بيئة العمل أو حياته الخاصة؛ فالكثير من الأشخاص يقدرون قيمة الذكاء
الفني، ولكنهم يجهلون قيمة الذكاء الاجتماعي، عموماً يمكن القول: إن جودة
أي علاقة تنعكس على إنتاجية الشخص سواء كانت إيجابية أو سلبية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق